فصل: (يَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّخْصَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (نَفَقَةُ الْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (وَالْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وَقِيسَ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّ حُرْمَةَ الْوَالِدِ أَعْظَمُ، وَالْوَالِدُ بِالتَّعَهُّدِ وَالْخِدْمَةِ أَلْيَقُ، (وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا) فَتَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ الْكَافِرِ وَالْعَكْسُ لِوُجُودِ الْبَعْضِيَّةِ، (بِشَرْطِ يَسَارِ الْمُنْفِقِ بِفَاضِلٍ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ فِي يَوْمِهِ) وَلَيْلَتِهِ مَا يَصْرِفُهُ إلَى مَنْ ذَكَرَ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ، (وَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ لِشَبَهِهَا بِهِ، وَفِي كَيْفِيَّةِ بَيْعِ الْعَقَارِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُبَاعُ كُلُّ يَوْمٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَالثَّانِي لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَشُقُّ وَلَكِنْ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يَسْهُلُ بَيْعُ الْعَقَارِ لَهُ، (وَيَلْزَمُ كَسُوبًا كَسْبُهَا فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، (وَلَا تَجِبُ لِمَالِكٍ كِفَايَتُهُ وَلَا مُكْتَسِبِهَا) لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ إلَى غَيْرِهِ (وَتَجِبُ لِفَقِيرٍ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ إنْ كَانَ زَمِنًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) لِعَجْزِهِ عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيُّ بِالزَّمِنِ الْمَرِيضَ وَالْأَعْمَى، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَمَا ذَكَرَ. (فَأَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا تَجِبُ) لِأَنَّهُ يَقْبُحُ أَنْ يُكَلِّفَ بَعْضَهُ الْكَسْبَ مَعَ اتِّسَاعِ مَالِهِ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ، (وَالثَّالِثُ) تَجِبُ (لِأَصْلٍ لَا فَرْعٍ) لِعِظَمِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ (قُلْت الثَّالِثُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِيرَادُ الرَّافِعِيِّ فِي شَرْحَيْهِ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ (وَهِيَ الْكِفَايَةُ وَتَسْقُطُ بِفَوَاتِهَا وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ)، لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ لَا يَجِبُ فِيهَا التَّمْلِيكُ (إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ) بِالْفَاءِ (أَوْ إذْنِهِ فِي اقْتِرَاضٍ) بِالْقَافِ (لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ) فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَصَيْرُورَتُهَا دَيْنًا بِفَرْضِ الْقَاضِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو إسْحَاقَ فِي التَّذْكِرَةِ والبندنيجي وَغَيْرُهُمْ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِذَلِكَ.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. (يَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّخْصَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (نَفَقَةُ الْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (وَالْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وَقِيسَ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّ حُرْمَةَ الْوَالِدِ أَعْظَمُ، وَالْوَالِدُ بِالتَّعَهُّدِ وَالْخِدْمَةِ أَلْيَقُ، (وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا) فَتَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ الْكَافِرِ وَالْعَكْسُ لِوُجُودِ الْبَعْضِيَّةِ، (بِشَرْطِ يَسَارِ الْمُنْفِقِ بِفَاضِلٍ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ فِي يَوْمِهِ) وَلَيْلَتِهِ مَا يَصْرِفُهُ إلَى مَنْ ذَكَرَ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ، (وَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ لِشَبَهِهَا بِهِ، وَفِي كَيْفِيَّةِ بَيْعِ الْعَقَارِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُبَاعُ كُلُّ يَوْمٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَالثَّانِي لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَشُقُّ وَلَكِنْ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يَسْهُلُ بَيْعُ الْعَقَارِ لَهُ، (وَيَلْزَمُ كَسُوبًا كَسْبُهَا فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، (وَلَا تَجِبُ لِمَالِكٍ كِفَايَتُهُ وَلَا مُكْتَسِبِهَا) لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ إلَى غَيْرِهِ (وَتَجِبُ لِفَقِيرٍ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ إنْ كَانَ زَمِنًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) لِعَجْزِهِ عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيُّ بِالزَّمِنِ الْمَرِيضَ وَالْأَعْمَى، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَمَا ذَكَرَ. (فَأَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا تَجِبُ) لِأَنَّهُ يَقْبُحُ أَنْ يُكَلِّفَ بَعْضَهُ الْكَسْبَ مَعَ اتِّسَاعِ مَالِهِ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ، (وَالثَّالِثُ) تَجِبُ (لِأَصْلٍ لَا فَرْعٍ) لِعِظَمِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ (قُلْت الثَّالِثُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِيرَادُ الرَّافِعِيِّ فِي شَرْحَيْهِ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ (وَهِيَ الْكِفَايَةُ وَتَسْقُطُ بِفَوَاتِهَا وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ)، لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ لَا يَجِبُ فِيهَا التَّمْلِيكُ (إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ) بِالْفَاءِ (أَوْ إذْنِهِ فِي اقْتِرَاضٍ) بِالْقَافِ (لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ) فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَصَيْرُورَتُهَا دَيْنًا بِفَرْضِ الْقَاضِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو إسْحَاقَ فِي التَّذْكِرَةِ والبندنيجي وَغَيْرُهُمْ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِذَلِكَ.

(وَعَلَيْهَا) أَيْ الْأُمِّ (إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأَ) بِالْهَمْزِ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ غَالِبًا إلَّا بِهِ، وَهُوَ اللَّبَنُ أَوَّلَ الْوِلَادَةِ وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ (ثُمَّ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ إرْضَاعِ اللِّبَأِ، (إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هِيَ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ إرْضَاعُهُ) عَلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُمَا إبْقَاءً لَهُ، (وَإِنْ وُجِدَتَا لَمْ تُجْبَرْ الْأُمُّ) عَلَى الْإِرْضَاعِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} (فَإِنْ رَغِبَتْ) فِي إرْضَاعِهِ (وَهِيَ مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ فَلَهُ مَنْعُهَا) مِنْ إرْضَاعِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَقْتَ الْإِرْضَاعِ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ الْمَنْعُ. (قُلْت الْأَصَحُّ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَصَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ وَأَوْفَقُ (فَإِنْ اتَّفَقَا) عَلَى إرْضَاعِهِ (وَطَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلٍ) لَهُ (أُجِيبَتْ أَوْ فَوْقَهَا فَلَا) تُجَابُ إلَى ذَلِكَ، (وَكَذَا إنْ تَبَرَّعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ) مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا تُجَابُ الْأُمُّ إلَى طَلَبِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، (فِي الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} وَالثَّانِي تُجَابُ الْأُمُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} مَعَ فَوْرِ شَفَقَتِهَا وَأَوْفَقِيَّةِ لَبَنِهَا (وَمَنْ اسْتَوَى فَرَعَاهُ) فِي الْقُرْبِ وَالْإِرْثِ أَوْ عَدَمِهِمَا (أَنْفَقَا) بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ كَابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ وَكَابْنَيْ ابْنٍ أَوْ بِنْتٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا ذَكَرَ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ وَالْآخَرُ وَارِثًا. (فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا) لِأَنَّ الْقُرْبَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِرْثِ، (فَإِنْ اسْتَوَى قُرْبُهُمَا فَبِالْإِرْثِ فِي الْأَصَحِّ)، لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ وَقِيلَ لَا أَثَرَ لِلْإِرْثِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، (وَالثَّانِي بِالْإِرْثِ ثُمَّ الْقُرْبِ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا فَيُقَدَّمُ عَلَى هَذَا الْوِرْثُ الْبَعِيدُ عَلَى غَيْرِهِ، الْقَرِيبِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْإِرْثِ قُدِّمَ أَقْرَبُهُمَا (وَالْوَارِثَانِ) عَلَى الْوَجْهَيْنِ (يَسْتَوِيَانِ أَمْ تُوَزَّعُ بِحَسَبِهِ) أَيْ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَجْهَانِ وَجْهُ الِاسْتِوَاءِ اشْتِرَاكُهُمَا فِي الْإِرْثِ، وَوَجْهُ التَّوْزِيعِ إشْعَارُ زِيَادَةِ الْإِرْثِ بِزِيَادَةِ قُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ هَذِهِ.
(وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فَعَلَى الْأَبِ) نَفَقَتُهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ بَالِغًا أَمَّا الصَّغِيرُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} وَأَمَّا الْبَالِغُ فبالاستصحاب، (وَقِيلَ عَلَيْهِمَا لِبَالِغٍ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ وَهَلْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا أَوْ يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَجْهَانِ رَجَحَ مِنْهُمَا الثَّانِي (أَوْ أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ إنْ أَدْلَى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَالْأَقْرَبُ) مِنْهُمْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ (وَإِلَّا فَبِالْقُرْبِ وَقِيلَ الْإِرْثِ) كَالْخِلَافِ فِي طَرَفِ الْفُرُوعِ (وَقِيلَ بِوِلَايَةِ الْمَالِ) فَإِنَّهَا تُشْعِرُ بِتَفْوِيضِ التَّرْبِيَةِ إلَيْهِ.
(وَمَنْ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ فَفِي الْأَصَحِّ عَلَى الْفَرْعِ وَإِنْ بَعُدَ). لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْقِيَامِ بِشَأْنِ أَصْلِهِ لِعِظَمِ حُرْمَتِهِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْأَصْلِ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ فِي الصِّغَرِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهَا عَلَيْهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْبَعْضِيَّةِ مِثَالُهُ أَبٌ وَابْنُ جَدٍّ وَابْنُ أَبٍ وَابْنُ ابْنِ أُمٍّ وَابْنٌ، (أَوْ) لَهُ (مُحْتَاجُونَ) وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى كِفَايَتِهِمْ. (يُقَدِّمُ زَوْجَتَهُ) لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ (ثُمَّ الْأَقْرَبَ وَقِيلَ الْوَارِثَ) عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي طَرَفَيْ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ كَمَا تَقَدَّمَ.

. فَصْلٌ:

(الْحَضَانَةُ حِفْظُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ) بِأُمُورِهِ (وَتَرْبِيَتُهُ) بِمَا يُصْلِحُهُ (وَالْإِنَاثُ أَلْيَقُ بِهَا) لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ وَأَهْدَى إلَى التَّرْبِيَةِ وَأَصْبَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا (وَأُولَاهُنَّ أُمٌّ) لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا (ثُمَّ أُمَّهَاتٌ) لَهَا (يُدْلِينَ بِإِنَاثٍ) لِأَنَّهُنَّ يُشَارِكْنَهَا فِي الْإِرْثِ وَالْوِلَادَةِ (يُقَدَّمُ أَقْرَبُهُنَّ) فَأَقْرَبُهُنَّ (وَالْجَدِيدُ يُقَدَّمُ بَعْدَهُنَّ أُمُّ أَبٍ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ ثُمَّ أُمُّ أَبِي أَبٍ كَذَلِكَ). أَيْ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ (ثُمَّ أُمُّ أَبِي جَدٍّ كَذَلِكَ) أَيْ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ يُقَدَّمُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأُمَّهَاتِ الْمَذْكُورَةِ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى وَقُدِّمَتْ أُمَّهَاتُ الْأُمِّ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَبِ لِقُوَّتِهِنَّ فِي الْإِرْثِ لِأَنَّهُنَّ لَا يَسْقُطْنَ بِالْأَبِ بِخِلَافِ أُمَّهَاتِهِ (وَالْقَدِيمُ) تُقَدَّمُ (الْأَخَوَاتُ وَالْخَالَاتُ عَلَيْهِنَّ)، أَيْ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَبِ وَالْجَدِّ الْمَذْكُورَاتِ وَجْهُ الْجَدِيدِ أَنَّهُنَّ أَقْوَى قَرَابَةً لِأَنَّهُنَّ يَعْتِقْنَ عَلَى الْوَلَدِ وَوَجْهُ الْقَدِيمِ أَنَّ الْأَخَوَاتِ وَالْخَالَاتِ، يُدْلِينَ بِالْأُمِّ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَبِ فَكَذَا يُقَدَّمُ مَنْ يُدْلِي بِهَا عَلَى مَنْ يُدْلِي بِهِ (وَتُقَدَّمُ) جَزْمًا (أُخْتٌ عَلَى خَالَةٍ) لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْهَا (وَخَالَةٌ عَلَى بِنْتِ أَخٍ و) بِنْتِ (أُخْتٍ) لِأَنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ بِخِلَافِهِمَا (وَبِنْتُ أَخٍ وَ) بِنْتُ (أُخْتٍ عَلَى عَمَّةٍ) كَمَا يُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ فِي الْمِيرَاثِ عَلَى الْعَمِّ (وَأُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ عَلَى أُخْتٍ مِنْ أَحَدِهِمَا) بِقُوَّةِ قَرَابَتِهَا. (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ أُخْتٍ مِنْ أَبٍ عَلَى أُخْتٍ مِنْ أُمٍّ) لِقُوَّةِ إرْثِهَا وَالثَّانِي عَكْسُهُ لِلْإِدْلَاءِ بِالْأُمِّ. (وَخَالَةٌ وَعَمَّةٌ لِأَبٍ عَلَيْهِمَا لِأُمٍّ) لِقُوَّةِ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ وَالثَّانِي عَكْسُهُ رِعَايَةً لِجِهَةِ الْأُمُومَةِ (وَسُقُوطُ كُلِّ جَدَّةٍ لَا تَرِثُ) وَهِيَ الَّتِي تُدْلِي بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ لِإِدْلَائِهَا بِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي لَا تَسْقُطُ لِوِلَادَتِهَا وَشُمُولِ أَحْكَامِ الْأُصُولِ لَهَا فِي الْعِتْقِ وَلُزُومِ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهِمَا. لَكِنْ تَتَأَخَّرُ عَنْ جَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ لِضَعْفِهَا وَفِي مَعْنَى الْجَدَّةِ السَّاقِطَةِ كُلُّ مَحْرَمٍ تُدْلِي بِذَكَرٍ لَا يَرِثُ كَبِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ، (دُونَ أُنْثَى غَيْرِ مَحْرَمٍ كَبِنْتِ خَالَةٍ) وَبِنْتِ عَمَّةٍ وَبِنْتَيْ الْخَالِ وَالْعَمِّ أَيْ الْأَصَحُّ لَا تَسْقُطُ بِكَوْنِهَا غَيْرَ مَحْرَمٍ لِشَفَقَتِهَا بِالْقَرَابَةِ وَهِدَايَتِهَا إلَى التَّرْبِيَةِ بِالْأُنُوثَةِ، وَالثَّانِي تَسْقُطُ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَخْرُجُ إلَى مَعْرِفَةِ بَوَاطِنِ الْأُمُورِ وَيَقَعُ فِيهَا الِاخْتِلَاطُ التَّامُّ فَالِاحْتِيَاطُ تَخْصِيصُهَا بِالْمَحَارِمِ.
(وَتَثْبُتُ) الْحَضَانَةُ (لِكُلِّ ذَكَرٍ مَحْرَمٍ وَارِثٍ) كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْأَخِ وَابْنِ الْأَخِ وَالْعَمِّ لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِمْ بِالْمَحْرَمِيَّةِ وَالْإِرْثِ وَالْوِلَايَةِ، (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَيْفِيَّتُهُ فِي بَابِهِ (وَكَذَا غَيْرُ مَحْرَمٍ) وَهُوَ وَارِثٌ (كَابْنِ عَمٍّ) فَإِنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ بِالْوِلَايَةِ. (وَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ مُشْتَهَاةً بَلْ) تُسَلَّمُ (إلَى ثِقَةٍ يُعِينُهَا) هُوَ كَبِنْتِهِ وَغَيْرِهَا، وَالثَّانِي لَا حَضَانَةَ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْرَمِيَّةِ (فَإِنْ فُقِدَ) فِي الذَّكَرِ (الْإِرْثُ وَالْمَحْرَمِيَّةُ) كَابْنِ الْخَالِ وَابْنِ الْعَمِّ (أَوْ الْإِرْثُ) دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ كَالْخَالِ وَالْعَمِّ لِلْأُمِّ وَأَبِي الْأُمِّ (فَلَا) حَضَانَةَ لَهُ. (فِي الْأَصَحِّ) لِضَعْفِ قَرَابَتِهِ وَالثَّانِي لَهُ الْحَضَانَةُ لِشَفَقَتِهِ بِالْقَرَابَةِ (وَإِنْ اُجْتُمِعَ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ فَالْأُمُّ) تُقَدَّمُ (ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا) لِمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ الْأَبُ وَقِيلَ تُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْخَالَةُ وَالْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ) لِإِدْلَائِهِمَا بِالْأُمِّ بِخِلَافِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ لِإِدْلَائِهَا بِهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى أُمَّهَاتِهِ وَبَعْدَهُنَّ الْجَدُّ أَبُوهُ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى أُمَّهَاتِهِ وَبَعْدَهُنَّ أَبُو الْجَدِّ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى أُمَّهَاتِهِ، (وَيُقَدَّمُ الْأَصْلُ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ (عَلَى الْحَاشِيَةِ) كَالْأَخِ وَإِنْ تَقَدَّمَ خِلَافٌ بِتَقْدِيمِ الْأُخْتِ. (فَإِنْ فُقِدَ) الْأَصْلُ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُنَاكَ حَوَاشٍ (فَالْأَصَحُّ الْأَقْرَبُ)، فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَتُقَدَّمُ الْأُخُوَّةُ وَالْأَخَوَاتُ عَلَى غَيْرِهِمْ كَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَقْرَبُ بِأَنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ (فَالْأُنْثَى) فَتُقَدَّمُ الْأُخْتُ عَلَى الْأَخِ وَبِنْتُ الْأَخِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أُنْثَى كَأَخَوَيْنِ وَابْنَيْ أَخٍ. (فَيُقْرَعُ) فَيُقَدَّمُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تُقَدَّمُ الْإِنَاثُ مُطْلَقًا فَتُقَدَّمُ الْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ عَلَى الْأَخِ وَالْعَمِّ وَالثَّانِي تُقَدَّمُ الْعَصِبَاتُ عَلَى غَيْرِهِمْ، لِقِيَامِهِمْ بِالتَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَالْعَمُّ عَلَى الْأُخْتِ وَالْخَالَةِ.
(وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ وَمَجْنُونٍ وَفَاسِقٍ)، لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا (وَكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَرَقِيقُ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ وَذُو الْجُنُونِ الدَّائِمِ وَالْمُتَقَطِّعِ إلَّا إذَا كَانَ يَسِيرًا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ. (وَنَاكِحَةِ غَيْرِ أَبِي الطِّفْلِ) لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ عَنْهُ بِحَقِّ الزَّوْجِ وَإِنْ رَضِيَ (إلَّا عَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَابْنَ أَخِيهِ) حَيْثُ رَضُوا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حَقًّا فِي الْحَضَانَةِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالثَّانِي لَا حَضَانَةَ لَهَا فِي ذَلِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ. (فَإِنْ كَانَ) الطِّفْلُ (رَضِيعًا اُشْتُرِطَ) فِي ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لِأُمِّهِ، (أَنْ تُرْضِعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ وَعَلَى الْأَبِ اسْتِئْجَارُ مُرْضِعَةٍ عِنْدَ أُمِّهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ فِي تَكْلِيفِ الْأَبِ ذَلِكَ عُسْرٌ عَلَيْهِ حَيْثُ تَنْتَقِلُ الْمُرْضِعَةُ إلَى مَسْكَنِ الْأُمِّ (فَإِنْ كَمُلَتْ نَاقِصَةٌ) بِأَنْ عَتَقَتْ أَوْ أَفَاقَتْ أَوْ تَابَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ، (أَوْ طَلُقَتْ مَنْكُوحَةٌ حَضَنَتْ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (فَإِنْ غَابَتْ الْأُمُّ أَوْ امْتَنَعَتْ) مِنْ الْحَضَانَةِ (فَلِلْجَدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ مَاتَتْ أَوْ جَنَتْ وَالثَّانِي لَا بَلْ تَكُونُ لِلسُّلْطَانِ كَمَا لَوْ غَابَ الْوَلِيُّ لِلنِّكَاحِ أَوْ عَضَلَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ لَا لِلْأَبْعَدِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَرِيبَ أَشْفَقُ وَأَكْثَرُ فَرَاغًا مِنْ السُّلْطَانِ. (هَذَا) الَّذِي تَقَدَّمَ (كُلُّهُ فِي) طِفْلٍ (غَيْرِ مُمَيِّزٍ) (وَالْمُمَيِّزُ إنْ افْتَرَقَ أَبَوَاهُ) مِنْ النِّكَاحِ (كَانَ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، (فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا جُنُونٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ رِقٍّ أَوْ فِسْقٍ أَوْ نَكَحَتْ) أَجْنَبِيًّا (فَالْحَقُّ لِلْآخَرِ) فَقَطْ وَلَا تَخْيِيرَ (وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أُمٍّ وَجَدٍّ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ (وَكَذَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ) مَعَ الْأُمِّ (أَوْ أَبٌ مَعَ أُخْتٍ أَوْ خَالَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُقَدَّمُ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ الْأُمُّ وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ الْأَبُ (وَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مَنْ لَحِقَ بِهِمَا كَمَا ذَكَرَ (ثُمَّ الْآخَرُ حُوِّلَ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ يَتَغَيَّرُ حَالُ مَنْ اخْتَارَهُ أَوَّلًا، وَلَوْ رَجَعَ عَنْ اخْتِيَارِ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ أُعِيدَ إلَيْهِ كَمَا تَصْدُقُ بِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ، (فَإِنْ اخْتَارَ الْأَبَ ذَكَرَ لَمْ يَمْنَعْهُ زِيَارَةَ أُمِّهِ) وَلَا يُكَلِّفُهَا الْخُرُوجَ لِزِيَارَتِهِ.
(وَيَمْنَعُ أُنْثَى) مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهَا التَّأَلُّفُ وَالصِّيَانَةُ وَعَدَمُ الْبُرُوزِ وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ لِزِيَارَتِهَا، (وَلَا يَمْنَعُهَا) أَيْ الْأُمَّ (دُخُولًا عَلَيْهِمَا زَائِرَةً وَالزِّيَارَةُ مَرَّةً فِي أَيَّامٍ) عَلَى الْعَادَةِ لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَإِذَا زَارَتْ لَا تُطِيلُ الْمُكْثَ (فَإِنْ مَرَضَا فَالْأُمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا) لِأَنَّهَا أَهْدَى إلَيْهِ مِنْ الْأَبِ وَنَحْوِهِ (فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فِي بَيْتِهِ)، فَذَاكَ (وَإِلَّا فَفِي بَيْتِهَا) وَيَعُودُهُمَا وَيَحْتَرِزُ فِي الشِّقَّيْنِ عَنْ الْخَلْوَةِ بِهَا. (وَإِنْ اخْتَارَهَا) أَيْ الْأُمَّ (ذَكَرَ فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَعِنْدَ الْأَبِ نَهَارًا يُؤَدِّبُهُ) بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ (وَيُسَلِّمُهُ لِمَكْتَبٍ أَوْ) ذِي (حِرْفَةٍ) يَتَعَلَّمُ مِنْهَا الْكِتَابَةَ وَالْحِرْفَةَ (أَوْ أُنْثَى فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا يُزَوَّرُهَا الْأَبُ عَلَى الْعَادَةِ) وَلَا يَطْلُبُ إحْضَارَهَا عِنْدَهُ (وَإِنْ اخْتَارَهُمَا أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ عِنْدَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ مِنْهُمَا (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) وَاحِدًا مِنْهُمَا (فَالْأُمُّ أَوْلَى) لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهَا وَلَمْ يَخْتَرْ غَيْرَهَا (وَقِيلَ يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُقِيمِينَ (وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا سَفَرَ حَاجَةٍ) كَحَجٍّ وَتِجَارَةٍ، (كَانَ الْوَلَدُ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ مَعَ الْمُقِيمِ حَتَّى يَعُودَ) الْمُسَافِرُ لِخَطَرِ السَّفَرِ وَسَوَاءٌ طَالَتْ مُدَّتُهُ أَمْ لَا (أَوْ سَفَرَ نُقْلَةٍ فَالْأَبُ أَوْلَى) مِنْ الْأُمِّ بِالْحَضَانَةِ حِفْظًا لِلنَّسَبِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرِيدُ لِلسَّفَرِ لَكِنْ، (بِشَرْطِ أَمْنِ طَرِيقِهِ وَالْبَلَدِ الْمَقْصُودِ) لَهُ (قِيلَ وَمَسَافَةُ قَصْرٍ) بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ بِخِلَافِ مَا دُونَهُمَا فَكَالْمُقِيمِينَ وَالْأَصَحُّ لَا فَرْقَ وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا أَوْ الْبَلَدُ الْمَقْصُودُ غَيْرَ مَأْمُونٍ لِغَارَةٍ وَنَحْوِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ انْتِزَاعُ الْوَلَدِ وَاسْتِصْحَابُهُ (وَمَحَارِمُ الْعَصَبَةِ) كَالْجَدِّ وَالْعَمِّ وَالْأَخِ (فِي هَذَا) الْمَذْكُورِ فِي سَفَرِ النُّقْلَةِ (كَالْأَبِ) فَهُمْ فِي ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ بِالْحَضَانَةِ حِفْظًا لِلنَّسَبِ. (وَكَذَا ابْنُ عَمٍّ لِذَكَرٍ) كَذَلِكَ أَيْضًا (وَلَا يُعْطِي أُنْثَى) حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا لِانْتِفَاءِ الْمَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُمَا (فَإِنْ رَافَقَتْهُ بِنْتُهُ سَلَّمَ) الْوَلَدَ الْأُنْثَى (إلَيْهَا) وَبِذَلِكَ تُؤْمَنُ الْخَلْوَةُ.

. فَصْلٌ:

(عَلَيْهِ كِفَايَةُ رَقِيقِهِ نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَإِنْ كَانَ أَعْمَى وَزَمِنًا وَمُدَبَّرًا وَمُسْتَوْلَدَةً) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» وَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ لِلْمُكَاتَبِ لِاسْتِقْلَالِهِ، (مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ وَأُدْمِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ) مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّيْتِ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَغَيْرِهَا وَيُرَاعَى حَالُ السَّيِّدِ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ رَفِيعِ الْجِنْسِ الْغَالِبِ وَخَسِيسِهِ، (وَلَا يَكْفِي) الِاقْتِصَارُ عَلَى (سَتْرِ الْعَوْرَةِ) قَالَ الْغَزَالِيُّ بِبِلَادِنَا احْتِرَازًا عَنْ بِلَادِ السُّودَانِ (وَيُسَنُّ أَنْ يُنَاوِلَهُ مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَأُدْمٍ وَكِسْوَةٍ)، لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ الْمَحْمُولِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ دُونَ اللَّائِقِ بِهِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بُخْلًا أَوْ رِيَاضَةً قِيلَ لَهُ الِاقْتِصَارُ فِي رَقِيقِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ لَا بَلْ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْغَالِبِ، (وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَيَبِيعُ الْقَاضِي فِيهَا مَالَهُ) إنْ امْتَنَعَ مِنْهَا كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، (فَإِنْ فُقِدَ الْمَالُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ) أَوْ إجَارَتِهِ أَوْ (إعْتَاقِهِ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَاعَهُ الْقَاضِي أَوْ أَجَرَهُ، وَهَلْ يَبِيعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَوْ يَسْتَدِينُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ شَيْءٌ صَالِحٌ يَبِيعُ مَا يَفِي بِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي (وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ، (وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ وَلَدِهَا (إنْ فَضَلَ عَنْهُ) لَبَنُهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَ) عَلَى (فَطْمِهِ قَبْلَ حَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَ) عَلَى (إرْضَاعِهِ بَعْدَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّهَا) وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِفِطَامٍ وَلَا إرْضَاعٍ (وَلِلْحُرَّةِ حَقٌّ فِي التَّرْبِيَةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ الْحُرَّيْنِ (فَطْمُهُ قَبْلَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ (وَلَهُمَا) ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَلِأَحَدِهِمَا) فَطْمُهُ (بَعْدَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ لِأَنَّهُمَا مُدَّةٌ لِلرَّضَاعِ التَّامِّ، (وَلَهُمَا الزِّيَادَةُ) عَلَى الْحَوْلَيْنِ.
(وَلَا يُكَلِّفُ رَقِيقَهُ إلَّا عَمَلًا يُطِيقُهُ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَيَجُوزُ مُخَارَجَتُهُ بِشَرْطِ رِضَاهُمَا وَهِيَ خِرَاجٌ) مَعْلُومٌ (يُؤَدِّيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ) مِمَّا يَكْتَسِبُهُ حَسْبَمَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ، (وَعَلَيْهِ عَلْفُ دَوَابِّهِ) بِسُكُونِ اللَّامِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ مَصْدَرًا (وَسَقْيُهَا) لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَيَقُومُ مَقَامَهُمَا تَخْلِيَتُهَا لِتَرْعَى وَتَرِدَ الْمَاءَ إنْ أَلِفَتْ ذَلِكَ (فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ فِي الْمَأْكُولِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ عَلْفٍ أَوْ ذَبْحٍ وَفِي غَيْرِهِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ عَلْفٍ)، صَوْنًا لَهَا عَنْ التَّلَفِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَرَاهُ وَيَقْتَضِيهِ الْحَالُ. (وَلَا يَحْلِبُ) مِنْ لَبَنِهَا (مَا ضَرَّ وَلَدَهَا) وَإِنَّمَا يَحْلِبُ مَا يَفْضُلُ عَنْهُ (وَمَا لَا رُوحَ لَهُ كَقَنَاةٍ وَدَارٍ لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا) وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إلَّا إذَا أَدَّى إلَى الْخَرَابِ وَيُكْرَهُ تَرْكُ سَقْيِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ حَذَرًا مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

. كتاب الجراح:

جَمْعُ جِرَاحَةٍ وَهِيَ إمَّا مُزْهِقَةٌ لِلرُّوحِ أَوْ مُبَيِّنَةٌ لِلْعُضْوِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيَأْتِي مَعَهَا غَيْرُهَا كَالْقَتْلِ بِمُثَقَّلٍ وَمَسْمُومٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالتَّرْجَمَةُ لِلْأَغْلَبِ (الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ) لِلرُّوحِ (ثَلَاثَةٌ عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ)، وَسَيَأْتِي التَّمْيِيزُ بَيْنَهَا وَصَحَّ الْإِخْبَارُ بِهَا عَنْ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ، (وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا) عُدْوَانًا فَقَتَلَهُ، (جَارِحٍ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ مَا كَسَيْفٍ، (أَوْ مُثَقَّلٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ثَقِيلٍ كَأَنْ رَضَّ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ. (فَإِنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْفِعْلِ أَوْ الشَّخْصِ (بِأَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ فَمَاتَ أَوْ رَمَى شَجَرَةً فَأَصَابَهُ)، فَمَاتَ أَوْ رَمَى شَخْصًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ فَمَاتَ (فَخَطَأٌ)، وَظَاهِرٌ أَنَّ فَقْدَ قَصْدِ الْفِعْلِ يَلْزَمُهُ فَقْدُ قَصْدِ الشَّخْصِ وَأَنَّ الْوُقُوعَ مَنْسُوبٌ لِلْوَاقِعِ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُقَسَّمُ، (وَإِنْ قَصَدَهُمَا) أَيْ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ (بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) عُدْوَانًا فَمَاتَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا) وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ أَنَّ فِيهِ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةَ وَدَلِيلُهَا آيَةُ {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ} وَحَدِيثُ «قَتِيلُ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ بِشُرُوطِهِ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ الْمُزْهِقِ يَنْقَسِمُ إلَى الثَّلَاثَةِ أَيْضًا (فَلَوْ غَرَزَ إبْرَةً بِمَقْتَلٍ) كَالدِّمَاغِ وَالْعَيْنِ وَالْحَلْقِ وَالْخَاصِرَةِ فَمَاتَ (فَعَمْدٌ) لِخَطَرِ الْمَوْضِعِ وَشِدَّةِ تَأَثُّرِهِ، (وَكَذَا) لَوْ غَرَزَهَا (بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَقْتَلٍ كَالْأَلْيَةِ وَالْفَخِذِ (إنْ تَوَرَّمَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ) فَعَمْدٌ لِظُهُورِ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَسِرَايَتِهَا إلَى الْهَلَاكِ. (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ وَمَاتَ فِي الْحَالِ فَشِبْهُ عَمْدٍ) لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ، غَالِبًا، (وَقِيلَ عَمْدٌ) لِأَنَّ فِي الْبَدَنِ مَقَاتِلَ خَفِيَّةً وَمَوْتُهُ فِي الْحَالِ يُشْعِرُ بِإِصَابَةِ بَعْضِهَا، (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) فِيهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ فَالْمَوْتُ بِسَبَبٍ آخَرَ، (وَلَوْ غَرَزَهَا فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ) وَلَمْ يَتَأَلَّمْ بِهِ فَمَاتَ، (فَلَا شَيْءَ) فِيهِ (بِحَالٍ) مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بِهِ وَالْمَوْتُ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدَرٍ, (وَلَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالطَّلَبَ) لِذَلِكَ (حَتَّى مَاتَ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا فَعَمْدٌ) وَتَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَحْبُوسِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَالزَّمَانِ حَرًّا وَبَرْدًا فَفَقْدُ الْمَاءِ فِي الْحَرِّ لَيْسَ كَهُوَ فِي الْبَرْدِ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ سَابِقٌ) عَلَى الْحَبْسِ (فَشِبْهُ عَمْدٍ وَإِنْ كَانَ) بِهِ (بَعْضُ جُوعٍ وَعَطَشٍ وَعَلِمَ الْحَابِسُ الْحَالَ فَعَمْدٌ)، لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ بِعَمْدٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَهُ وَإِلَّا أَتَى بِمُهْلِكٍ وَالثَّانِي هُوَ عَمْدٌ لِحُصُولِ الْهَلَاكِ بِهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ حَصَلَ بِهِ وَبِمَا قَبْلَهُ فَيَجِبُ فِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ بِالسَّبَبِ) كَالْمُبَاشَرَةِ (فَلَوْ شَهِدَا) عَلَى رَجُلٍ (بِقِصَاصٍ) أَيْ بِمُوجِبِهِ (فَقُتِلَ) بِأَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا (ثُمَّ رَجَعَا) عَنْهَا (وَقَالَا تَعَمَّدْنَا الْكَذِبَ) فِيهَا (لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَلِيُّ بِعِلْمِهِ بِكَذِبِهِمَا) فِيهَا أَيْ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْوَلِيِّ الْقِصَاصُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَعْدُ تَعَمَّدْنَا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا، فَإِنْ قَالَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهَا فَإِنْ كَانَا مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمَا أَوْ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ فَشِبْهُ عَمْدٍ، (وَلَوْ ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) فَأَكَلَهُ (فَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ وَلَوْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ، وَلَا نَظَرُوا إلَى أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ وَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمْ، تَقْيِيدُ الصَّبِيِّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ (أَوْ بَالِغًا عَاقِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ) فَأَكَلَهُ فَمَاتَ (فَدِيَةٌ وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ)، لِتَنَاوُلِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَالثَّانِي قَالَ لِتَغْرِيرِهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ يَكْفِي فِي التَّغْرِيرِ الدِّيَةُ (وَلَوْ دَسَّ سُمًّا) بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ (فِي طَعَامِ شَخْصٍ الْغَالِبُ أَكْلُهُ مِنْهُ فَأَكَلَهُ جَاهِلًا) بِالْحَالِ فَمَاتَ (فَعَلَى الْأَقْوَالِ) وَجْهُ الثَّانِي التَّسَبُّبُ وَالْأَوَّلُ قَالَ تَكْفِي فِيهِ الدِّيَةُ. (وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ فَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ) وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ تَرْكُ الْعِلَاجِ لِأَنَّ الْبُرْءَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ لَوْ عَالَجَ، (وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ لَا يُعَدُّ مُغْرِقًا) بِسُكُونِ الْغَيْنِ (كَمُبَسَّطٍ فَمَكَثَ فِيهِ مُضْطَجِعًا) أَوْ مُسْتَلْقِيًا (حَتَّى هَلَكَ فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ (أَوْ) مَاءٍ (مُغْرِقٍ لَا يَخْلُصُ مِنْهُ إلَّا بِسِبَاحَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ عَوْمٍ،
(فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا أَوْ كَانَ) مَعَ إحْسَانِهَا (مَكْتُوفًا أَوْ زَمِنًا) فَهَلَكَ (فَعَمْدٌ وَإِنْ مَنَعَ مِنْهَا عَارِضٌ كَرِيحٍ وَمَوْجٍ) فَهَلَكَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَفِيهِ الدِّيَةُ (وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ فَتَرَكَهَا). فَهَلَكَ (فَلَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ بِإِعْرَاضِهِ عَمَّا يُنْجِيهِ، وَالثَّانِي يَقُولُ قَدْ يَمْنَعُهُ مِنْهَا دَهْشَةٌ وَعَارِضُ بَاطِنٍ، (أَوْ فِي نَارٍ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهَا فَمَكَثَ فِيهَا) حَتَّى هَلَكَ، (فَفِي الدِّيَةِ الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا عَدَمُ وُجُوبِهَا، (وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ الْمَاءِ وَالنَّارِ (وَفِي النَّارِ وَجْهٌ) بِوُجُوبِهِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّارَ تُؤَثِّرُ بِأَوَّلِ الْمَسِّ جِرَاحَةً يَخَافُ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَقِيلَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ أَيْضًا وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهَا عَمَّا لَا يُمْكِنُ لِعَظَمِهَا أَوْ كَوْنِهَا فِي وَهْدَةٍ أَوْ كَوْنِهِ مَكْتُوفًا أَوْ زَمِنًا فَمَاتَ بِهَا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ. (وَلَوْ أَمْسَكَهُ فَقَتَلَهُ آخَرُ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَرَدَّاهُ فِيهَا آخَرُ أَوْ أَلْقَاهُ مِنْ شَاهِقٍ)، أَيْ مَكَانٍ عَالٍ (فَتَلَقَّاهُ آخَرُ فَقَدَّهُ) أَيْ قَطَعَهُ بِالسَّيْفِ نِصْفَيْنِ (فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْمُرْدِي وَالْقَادِّ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ وَالْمُلْقِي (وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ سَبَبٌ لِلْهَلَاكِ، وَالثَّانِي تَجِبُ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْهَلَاكَ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَ (أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ. (فَلَا) يَجِبُ قِصَاصٌ قَطْعًا وَتَجِبُ دِيَةُ شَبَهِ الْعَمْدِ (وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ) فَأَتَى بِهِ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ (الْقِصَاصُ وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ) بِفَتْحِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ بِقَوْلِهِ مَثَلًا اُقْتُلْ هَذَا وَإِلَّا قَتَلْتُك يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ غَالِبًا لِيَدْفَعَ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ آثَرَهَا بِالْبَقَاءِ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقَتْلِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ وُجِّهَ بِأَنَّ الْمُكْرَهَ آلَةٌ لِلْمُكْرِهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ آثِمٌ بِالْقَتْلِ قَطْعًا، (فَإِنْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ) بِأَنْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ إلَيْهَا (وُزِّعَتْ) عَلَيْهِمَا. (فَإِنْ كَافَأَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ) دُونَ الْآخَرِ فَإِذَا أَكْرَهَ حُرٌّ عَبْدًا أَوْ عَكْسُهُ عَلَى قَتْلِ عَبْدٍ فَقَتَلَهُ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْعَبْدِ (وَلَوْ أَكْرَهَ بَالِغٌ مُرَاهِقًا) عَلَى الْقَتْلِ فَفَعَلَهُ (فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْبَالِغِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ وَلَا قِصَاصَ عَلَى الصَّبِيِّ بِحَالٍ وَلَوْ أَكْرَهَ - مُرَاهِقٌ بَالِغًا عَلَى قَتْلٍ فَأَتَى بِهِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمُرَاهِقِ وَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا.
(وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى رَمْيِ شَاخِصٍ عَلَى الْمُكْرِهِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (أَنَّهُ رَجُلٌ وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ صَيْدًا) فَرَمَاهُ فَمَاتَ، (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرِهِ) بِالْكَسْرِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ (أَوْ عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ فَأَصَابَ رَجُلًا) فَمَاتَ (فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ) مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ، (أَوْ عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ فَزَلَقَ وَمَاتَ فَشِبْهُ عَمْدٍ) لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا. (وَقِيلَ) هُوَ (عَمْدٌ) فَيَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ (أَوْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَ نَفْسَهُ، (فَلَا قِصَاصَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ مَا جَرَى لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ حَقِيقَةً لِاتِّحَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَخُوفِ بِهِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ. (وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ) الْمَقْتُولُ لَهُ (فَالْمَذْهَبُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي الْقَتْلِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً، (وَالْأَظْهَرُ) عَلَى عَدَمِ الْقِصَاصِ (لَا دِيَةَ) أَيْضًا وَالثَّانِي تَجِبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً (وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا) وَإِلَّا قَتَلْتُك (فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ) فَمَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمَا فَهُوَ مُخْتَارٌ لِقَتْلِهِ فَيَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ غَيْرُ الْإِثْمِ.

. فَصْلٌ:

إذَا (وُجِدَ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعًا فِعْلَانِ مُزْهِقَانِ) لِلرُّوحِ، (مُذَفِّفَانِ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ أَيْ مُسْرِعَانِ لِلْقَتْلِ (كَحَزٍّ) لِلرَّقَبَةِ (وَقَدٍّ) لِلْجُثَّةِ (أَوْ لَا) أَيْ غَيْرُ مُذَفِّفَيْنِ (كَقَطْعِ عُضْوَيْنِ) مَاتَ مِنْهُمَا (فَقَاتِلَانِ) فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُذَفِّفًا دُونَ الْآخَرِ فَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُذَفِّفَ هُوَ الْقَاتِلُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (وَإِنْ أَنْهَاهُ رَجُلٌ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ إبْصَارٌ وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارٍ ثُمَّ جَنَى آخَرُ فَالْأَوَّلُ قَاتِلٌ)؛ لِأَنَّهُ صَيَّرَهُ إلَى حَالَةِ الْمَوْتِ (وَيُعَزَّرُ الثَّانِي) لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ مَيِّتٍ، (وَإِنْ جَنَى الثَّانِي قَبْلَ الْإِنْهَاءِ إلَيْهَا فَإِنْ ذَفَّفَ كَحَزٍّ بَعْدَ جُرْحٍ فَالثَّانِي قَاتِلٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ قِصَاصُ الْعُضْوِ أَوْ مَالٌ بِحَسَبِ الْحَالِ) وَلَا نَظَرَ إلَى سِرَايَةِ الْجُرْحِ لَوْلَا الْحَزُّ لِاسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ عِنْدَهُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُذَفِّفْ الثَّانِي أَيْضًا وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَتَيْنِ كَانَ أَجَفَاهُ أَوْ قَطَعَ الْأَوَّلُ يَدَهُ مِنْ الْكُوعِ وَالثَّانِي مِنْ الْمِرْفَقِ. (فَقَاتِلَانِ) بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ (وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضًا فِي النَّزْعِ وَعَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ وَجَبَ) بِقَتْلِهِ (الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ قَدْ يَعِيشُ بِخِلَافِ مَنْ وَصَلَ بِالْجِنَايَةِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ).

. فَصْلٌ:

إذَا (قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ (بِدَارَ الْحَرْبِ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ (وَكَذَا لَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ) لِلْعُذْرِ وَالثَّانِي عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ، (أَوْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَا) أَيْ الْقِصَاصُ ابْتِدَاءً وَالدِّيَةُ بَدَلًا عَنْهُ. (وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ) أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ (أَوْ) قَتَلَ (مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ) عَلَيْهِ، وَفِيمَا عَدَا الْأُولَى قَوْلٌ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ طَرْدٌ فِي الْأُولَى وَفِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالْوُجُوبِ بَحَثَ الرَّافِعِيُّ مَجِيئَهُ فِي الْأَخِيرَةِ (وَلَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا جَهِلَ مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ)، دُونَ الصَّحِيحِ (وَجَبَ الْقِصَاصُ) لِأَنَّ جَهْلَهُ لَا يُبِيحُ الضَّرْبَ. (وَقِيلَ لَا) يَجِبُ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَيْسَ بِمُهْلِكٍ عِنْدَهُ وَلَوْ عَلِمَ مَرَضَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ قَطْعًا. (وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتِيلِ إسْلَامٌ أَوْ أَمَانٌ) كَمَا فِي الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ (فَيُهْدَرُ الْحَرْبِيُّ) لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ (وَالْمُرْتَدُّ) فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ لِذَلِكَ وَسَيَذْكُرُ فِي حَقِّ ذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ، (وَمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ كَغَيْرِهِ) فَيَلْزَمُ قَاتِلَهُ الْقِصَاصُ (وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إنْ قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ قُتِلَ بِهِ) لِأَنْ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ، (أَوْ مُسْلِمٌ فَلَا) يُقْتَلُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى اسْتِيفَائِهِ حَدًّا لِلَّهِ. وَالثَّانِي قَالَ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ لِلْإِمَامِ دُونَ الْآحَادِ وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْخِلَافُ إذَا قُتِلَ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ، فَإِنْ قُتِلَ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِقَتْلِهِ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا. (وَ) يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ (فِي الْقَاتِلِ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ) فَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ. (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ عَلَى السَّكْرَانِ) لِتَعَدِّيهِ وَأَلْحَقَ بِهِ مَنْ تَعَدَّى بِشُرْبِ دَوَاءٍ مُزِيلٍ لِلْعَقْلِ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ شَرْطِ الْعَقْلِ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ وَفِي قَوْلٍ لَا وُجُوبَ عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي تَصَرُّفِهِ (وَلَوْ قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا صَدَقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا) فِيهِ (وَعَهِدَ الْجُنُونَ) قَبْلَهُ (وَلَوْ قَالَ أَنَا صَبِيٌّ) الْآنَ (فَلَا قِصَاصَ وَلَا يَحْلِفُ) أَنَّهُ صَبِيٌّ.
(وَلَا قِصَاصَ عَلَى حَرْبِيٍّ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ (وَيَجِبُ) الْقِصَاصُ (عَلَى الْمَعْصُومِ) بِعَهْدٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَالْمُرْتَدِّ) لِالْتِزَامِ الْأَوَّلِ وَبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّانِي (وَمُكَافَأَةً) بِالْهَمْزِ مِنْ الْمَقْتُولِ لِلْقَاتِلِ (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» (وَيُقْتَلُ ذِمِّيٌّ بِهِ) أَيْ بِمُسْلِمٍ (وَبِذِمِّيٍّ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا) كَيَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ (فَلَوْ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا، وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ فَكَذَا) أَيْ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْمُكَافَأَةِ وَقْتَ الْجُرْحِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى الْمُكَافَأَةِ وَقْتَ الزُّهُوقِ (وَفِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا يَقْتَصُّ الْإِمَامُ بِطَلَبِ الْوَارِثِ)، وَلَا يُفَوِّضُهُ إلَيْهِ حَذَرًا مِنْ تَسْلِيطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ (وَالْأَظْهَرُ قَتْلُ مُرْتَدٍّ بِذِمِّيٍّ) وَالثَّانِي لَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُرْتَدِّ، وَعُورِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَرَّرٍ بِالْجِزْيَةِ (وَبِمُرْتَدٍّ)، وَالثَّانِي لَا إذْ الْمَقْتُولُ مُبَاحُ الدَّمِ (لَا ذِمِّيٌّ بِمُرْتَدٍّ)، وَالثَّانِي يُقْتَلُ بِهِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ وَعُورِضَ بِمَا تَقَدَّمَ. (وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ) لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ (وَيُقْتَلُ قِنٌّ وَمُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) لِتَكَافُئِهِمْ بِتَشَارُكِهِمْ فِي الْمَمْلُوكِيَّةِ (وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ أَوْ) جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ (عَتَقَ) الْجَارِحُ (بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فَكَحُدُوثِ الْإِسْلَامِ) لِلذِّمِّيِّ الْقَاتِلِ أَوْ الْجَارِحِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ عَدَمُ سُقُوطِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ وَكَذَا فِي الْجُرْحِ فِي الْأَصَحِّ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَوْ قَتَلَ مِثْلَهُ لَا قِصَاصَ وَقِيلَ إنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ) عَلَى حُرِّيَّةِ الْمَقْتُولِ بِأَنْ كَانَتْ قَدْرَهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا (وَجَبَ) الْقِصَاصُ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ حِينَئِذٍ مُسَاوٍ أَوْ فَاضِلٌ وَعَارَضَ نَافِيَ الْقِصَاصِ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِجُزْءِ الْحُرِّيَّةِ جُزْءُ الْحُرِّيَّةِ، وَبِجُزْءِ الرِّقِّ جُزْءُ الرِّقِّ بَلْ يُقْتَلُ جَمِيعُهُ بِجَمِيعِهِ حُرِّيَّةً، وَرِقًا شَائِعًا فَيَلْزَمُ قَتْلُ جُزْءِ حُرِّيَّةٍ بِجُزْءِ رِقٍّ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ (وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ وَحُرٍّ وَذِمِّيٍّ) بِأَنْ قَتَلَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ أَوْ عَكْسَهُ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ وَالْحُرُّ لَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ وَلَا تَجْبُرُ الْفَضِيلَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَقِيصَتَهُ (وَلَا) قِصَاصَ (بِقَتْلِ وَلَدٍ) لِلْقَاتِلِ (وَإِنْ سَفَلَ) لِحَدِيثِ «لَا يُقَادُ لِلِابْنِ مِنْ أَبِيهِ» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْبِنْتُ كَالِابْنِ وَالْأُمُّ كَالْأَبِ قِيَاسًا وَكَذَا الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ وَإِنْ عَلَوْا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْوَالِدَ كَانَ سَبَبًا فِي وُجُودِ الْوَلَدِ، فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ (وَلَا) قِصَاصَ (لَهُ) أَيْ لِلْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ كَأَنْ قَتَلَ عَتِيقَهُ أَوْ زَوْجَةَ نَفْسِهِ، وَلَهُ مِنْهَا ابْنٌ (وَيُقْتَلُ بِوَالِدِيهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمْ كَغَيْرِهِمْ (وَلَوْ تَدَاعَيَا مَجْهُولًا فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالْآخَرِ اخْتَصَّ) أَيْ الْآخَرُ لِثُبُوتِ أُبُوَّتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ بِهِ (فَلَا) يَقْتَصُّ لِعَدَمِ ثُبُوتِ أُبُوَّتِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: إنْ أَلْحَقَهُ بِالْقَاتِلِ فَلَا قِصَاصَ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَوْ أَلْحَقَهُ بِغَيْرِهِمَا. اقْتَصَّ أَيْ إنْ ادَّعَاهُ (وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُ أَخَوَيْنِ) شَقِيقَيْنِ (الْأَبَ وَالْآخَرُ الْأُمَّ مَعًا)، وَالْمَعِيَّةُ وَالتَّرْتِيبُ الْآتِي بِزُهُوقِ الرُّوحِ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (قِصَاصٌ) عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ (وَيُقَدَّمُ) لِلْقِصَاصِ (بِقُرْعَةِ) أَحَدِهِمَا (فَإِنْ اقْتَصَّ) الْآخَرُ (بِهَا أَوْ مُبَادِرًا) أَيْ قَبْلَهَا (فَلِوَارِثِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ قَتْلُ الْمُقْتَصِّ إنْ لَمْ تُوَرِّثْ قَاتِلًا بِحَقٍّ)، وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَكَذَا إنْ قَتَلَا مُرَتَّبًا وَلَا زَوْجِيَّةَ) بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَيْ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ، وَيُقَدِّمُ لَهُ بِالْقُرْعَةِ أَوْ مَنْ ابْتَدَأَ بِالْقَتْلِ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي وَلَوْ بَادَرَ مَنْ أُرِيدَ الِاقْتِصَاصُ مِنْهُ بِالْقُرْعَةِ أَوْ لِابْتِدَائِهِ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ الْآخَرُ وَوَارِثُهُ قَتَلَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجِيَّةٌ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ (فَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ) الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ إذَا سَبَقَ قَتْلَ الْأَبِ لَمْ يَرِثْ مِنْهُ قَاتِلُهُ، وَيَرِثُهُ أَخُوهُ وَالْأُمُّ وَإِذَا قَتَلَ الْآخَرُ الْأُمَّ وَرِثَهَا الْأَوَّلُ فَتَنْتَقِلُ إلَيْهِ حِصَّتُهَا مِنْ الْقِصَاصِ، وَيَسْقُطُ بَاقِيهِ وَيَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ عَلَى أَخِيهِ، وَلَوْ سَبَقَ قَتْلُ الْأُمِّ سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْ قَاتِلِهَا وَاسْتَحَقَّ قَتْلَ أَخِيهِ (وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ)، كَأَنْ أَلْقَوْهُ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي بَحْرٍ أَوْ جَرَحُوهُ جِرَاحَاتٍ مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً (وَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ الرُّءُوسِ)، وَعَنْ جَمِيعِهِمْ عَلَى الدِّيَةِ فَتُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِهِمْ فَعَلَى الْوَاحِدِ مِنْ الْعَشَرَةِ عُشْرُهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ جِرَاحَةُ بَعْضِهِمْ أَفْحَشَ أَوْ عَدَدُ جِرَاحَاتِ بَعْضِهِمْ أَكْثَرَ أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَتْ جِرَاحَةُ بَعْضِهِمْ ضَعِيفَةً لَا تُؤَثِّرُ فِي الزُّهُوقِ كَالْخَدْشَةِ الْخَفِيفَةِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَا.
(وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ وَ) شَرِيكٌ (شِبْهُ عَمْدٍ وَيُقْتَلُ شَرِيكُ الْأَبِ) فِي قَتْلِ الْوَلَدِ (وَعَبْدٌ شَارَكَ حُرًّا فِي عَبْدٍ وَذِمِّيٌّ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي ذِمِّيٍّ وَكَذَا شَرِيكٌ حَرْبِيٌّ) فِي مُسْلِمٍ (وَ) شَرِيكٌ (قَاطِعٌ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) بِأَنْ جَرَحَ الْمَقْطُوعَ بَعْدَ الْقَطْعِ فَمَاتَ مِنْهُمَا (وَشَرِيكُ النَّفْسِ) بِأَنْ جَرَحَ الشَّخْصُ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ فَمَاتَ مِنْهُمَا. (وَ) شَرِيكُ (دَافِعِ الصَّائِلِ) بِأَنْ جَرَحَهُ بَعْدَ جُرْحِ الدَّافِعِ، فَمَاتَ مِنْهُمَا (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يُقْتَلُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ لَا يَضْمَنُ كَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْخَطَأَ شُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ أَوْرَثَ فِي فِعْلِ الشَّرِيكِ. فِيهِ شُبْهَةٌ فِي الْقِصَاصِ، وَلَا شُبْهَةَ فِي الْعَمْدِ. (وَلَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً وَمَاتَ بِهِمَا، أَوْ جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ وَجَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ) بِهِمَا (لَمْ يُقْتَلْ) لِشَرِكَةِ الْخَطَأِ فِي الْأُولَى وَغَيْرِ الْمَضْمُونِ، فِيمَا بَعْدَهَا (وَلَوْ دَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ مُذَفِّفٍ) أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا (فَلَا قِصَاصَ عَلَى جَارِحِهِ) وَهُوَ قَاتِلُ نَفْسِهِ، (وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَعَلَهُ فَلَا قِصَاصَ عَلَى جَارِحِهِ (وَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا وَعَلِمَ حَالَهُ فَشَرِيكُ) أَيْ فَالْجَارِحُ شَرِيكُ (جَارِحِ نَفْسِهِ) فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ، (وَقِيلَ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) لِقَصْدِ التَّدَاوِي فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَجْرُوحُ حَالَ السُّمِّ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَقْتُلْ غَالِبًا (وَلَوْ ضَرَبُوهُ بِسِيَاطٍ) أَوْ عَصًا خَفِيفَةٍ (فَقَتَلُوهُ، وَضَرْبُ كُلِّ وَاحِدٍ غَيْرُ قَاتِلٍ فَفِي الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا يَجِبُ أَنْ تَوَاطَئُوا) عَلَى ضَرْبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ اتِّفَاقًا. وَالثَّانِي يَجِبُ مُطْلَقًا لِئَلَّا يَصِيرَ ذَرِيعَةً إلَى الْقَتْلِ. وَالثَّالِثُ لَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَيْرُ قَاتِلٍ عَنْ الْقَاتِلِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ. (وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا مُرَتَّبًا قُتِلَ بِأَوَّلِهِمْ أَوْ مَعًا) بِأَنْ مَاتُوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ أَشْكَلَ الْحَالُ بَيْنَ التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ، (فَبِالْقُرْعَةِ) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ قُتِلَ بِهِ (وَلِلْبَاقِينَ) فِي الْمَسَائِلِ (الدِّيَاتُ قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (فَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ) فِي الْأُولَى (عَصَى وَوَقَعَ) قَتْلُهُ (قِصَاصًا وَلِلْأَوَّلِ دِيَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، وَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ.